كان وحيدا, دوما يجلس فى الركن بعيدا, تسعده سعادة كل الناس , ولا يذكر متى كان سعيدا.
دوما كان شارد والاصرار فى عينيه وكأن بداخله مارد.
دوما ترى دنياه تتراقص بترقرق عيناه ولسانه تحبسه شفتاه فلا تعرف لم تترقرق عيناه.
أحب الجميع ولم يبادله الحب اكثرهم, دوما عنده احساس بانه فى العمر بين الناس اقصرهم, دوما بداخله شعور بانه بين الناس ليس اخيرهم.
حدثتكم عن ما بداخله . فلاصف لكم ما يخفى هذا الداخل من ملامح.
يعتبره الناس دوما فى كل مكان اغربهم, فيوما تراه احمق وفى الاخر تراه احكمهم. اذا جلست معه بين الناس فلن تذكره وقد تتذكر معظمهم, طويلا صغير الحجم , وبين اصدقاءه دوما يكون اضعفهم .
تراكم الان عرفتموه يجب إذن ان تعرفوها ايضا.
دوما كانت ...
للاسف لم اتعرف عليها كى اصفها لكم , ولكن اذا سمعتم وصفه لها ربما افادكم فى تعرفها .
يقول :_ كنت فى هذا اليوم حزينا , لا أدرى للحزن سببا, ولكن كل شئ كان فى نظرى مريرا, ثم اشرقت على الشمس , وتعالت دقات قلبى بعد ان كانت مجرد همس, أسرت بجمالها قلبى الذى كان طليقا بالامس, سلبت بكلامها عقلى الذى كان ملكى منذ دقائق خمس.
اخفيت حبى , وكتمت صوت دقات قلبى , كى لا اخسر تلك الشمس.
فيزيد الحب ويغمرنى , فاذا غابت كان الشوق يقتلنى , حدثت قلبى ان يفيق من حبه ويرحمنى فأجابنى قد عصيتك فان اردت فارجمنى, او حتى من بين ضلوعك تلك كى اذهب اليها اليها , وان لم تقدر على هذا وذاك فاقبلنى.
وبعد يومان وجدت عقلى يتمرد , وجدته دوما يفكر فى كلامها ,دوما يقنعنى بانى احبها, لم يعد يحلم لى بل يردد على احلامها , حتى خيالى قتله وأسكن خيالها, لم يعد عقلى وقلبى ملكا لى بل صارا ملكها.
ثم انحازت عينى لرأيهما فلم اعد ارى الا طيفها , واذنى لا تسمع هى الاخرى سوى تردد صوتها , ولسانى صار لا ينطق سوى اسمها , ولكن شفتاى حبسته فاحرتمتها.
الى ان خانتنى وانفرجت شفتى , فخرج لسانى يصارحا بحبى لها, ارتعشت يداى وتسمرت قدماى وخارت منى قواى وترقرقت بالدمع عيناى.
هكذا طبعى فى كل وقت تترقرق عينى بالدموع ولكنى الان اواجهها وليس اماى طريقا للرجوع, فتركت عقلى وقلبى وكل جوارحى تتمرد , يخبرونها بحبى لها واسمع صوتهم بداخلى يتردد , فاسمع دقات قلبها الصغير وكأنه صار هو الاخر يتمرد , اسمعه لنفس كلمات الحب يردد , ولكن عقلها يتردد.
احتراما لدموعه التى اغرقته ساكمل.
لم ارى فى حياتى اسعد منه, عادت له الحياة او بالاصح ولدت بداخله الحياة, ولانى اعز اصدقائه كان يصارحنى بكل كلامه معها , احلامه معها, امنياته معها , فتركت قلبه يطوف الدنيا ويرى اجمل ايامه معها .
وكانت تلك غلتطى فى حق اعز اصدقائى.
فبعد ايام عرفنى عليها , لم اشعر نحوها بارتياح ولكنى لم اخبره بذلك فهو يعرفها اكثر منى , ولكن حين عرفت اعز صديقاتها شعرت بانها انسانة غريبة وهى تكلمنى, صارحته بذلك خاصة بعد ان اخبرنى بانه ايضا لم يشعر بارتياح لتلك الصديقة ,وحاولت ان ابعدها عنه وعن حبيبته وعنى, ولكن بعد ايان علمت انها وصديقتها بنفس الاخلاق الحقيرة , وبنفس الاحلام الفقيرة , ونظرت فرأيت صديقى تنهشه الحيرة , وتعكر صفو ايامه فاكارا مريرة , حاولت انقاذه من بين انياب فتاة لعوب شريرة , ولم اكن اعلم انه لم يعد ملكا لنفسه بل صار ملكا لمن كان يعاملها كالاميرة , حين علم بانها ليست بقلبه جديرة , وعلى الحب الطاهر ليست قديرة .
مات صديقى وماتت معه كل احلامى الجميله .